ولهذا فإن الخاصية الإقتصادية في إسلامنا حضاريا لاتكون أقرب للكمال إلا بدراسات وبحوث علمية دقيقة وموضوعية تتبنى نهوضا وإصلاحا هيكليين وشاملين ، وينبنيان على الواقعية والعالمية والعلمية في إطار كل الحدود المرسومة من إقتصادنا الإسلامي ، والذي من أهم خصائصه أنه يقدم حلولا جدرية لكل الأمراض الإجتماعية التي تفرزها حاليا العديد من أزماتنا الإقتصادية ..
بل وإن الخروج من كثير من أزماتنا الإجتماعية لم ولن ولا يتم إلا بالطابع التكافلي في الإسلام كأول حل لفك أولى إشكالياتنا الإقتصادية.
لكن التسرع بإبداء الرأي هنا دون الإرتكاز على المعطيات الحقيقية لايعد في الإقتصاد علميا إلا إذا كسته دراسات ميدانية دقيقة ، ورابطة بين ماهو إجتماعي وماهو إقتصادي ، مما يعطي للإقتصاد الإسلامي حقا شرعيته الإصلاحية في كل المجالات ، وعلى كل الواجهات ، وبما في ذلك الإيديولوجية السياسية التي يجب أن يتحكم فيها المبدأ لا أن تتحكم هي فيه ..
ففك الأزمة الإقتصادية بالإسلام أوسع من كل الإيديولوجيات العلمانية التي تحاول فك الأزمة الإقتصادية بتأزيمها إجتماعيا، وذلك بعدم ربطها بين المادية والقيم في جل البرامج العلمانية الإصلاحية إن صح التعبير ، وذلك لأن معظم البرامج الحزبية المقترحة لفك أزمات العديد من دولنا الإسلامية تنقصها الذاتية ، بمعنى أن متبنيها ليسوا بمشرعيها ، ولأن متبنيها يحاولون حل الأزمة الإجتماعية إقتصاديا دون وعي بمدى أهمية فك الأزمة الإقتصادية إجتماعيا، وهاته الخاصية السوسيوإقتصادية هي الجوهر الأساس الذي يعطي للإقتصاد الإسلامي كل التميز ، والذي لا نقدمه كبديل شامل وكامل إلا من خلال ربطه بكل تقنياته العملية .. والتي من أهم أركانها :
1 : إقرار الملكية الفردية
2 : التخفيف من وطأة إحتكار الرأسمال ومن كل فوارقه الطبقية عبر تقنيات الزكاة
3 : التوريث وتوكيل الرجل بالإنفاق إذن بأولويته في العمل
4 : تحريم كنز المال وإدخاره بالمفهوم القديم
5 : حفظ أموال الأفراد والمجتمعات والأمة بالتحجير على السفهاء
6 : تحريم الربا
8 : تحريم أكل الأموال بالإحتيال وبالباطل
9 : تحريم الميسر والقمار وكل ألعاب الحظ
10 : تحريم التلاعب بالمكاييل والأوزان
11 : ذم الإسراف والتقتير معا
12 : البر بالطبقات الفقيرة بالجدية في القضاء على فقرها ، وعبر العدل في توزيع الثروات حسب المجهود
13 : وظيفة بيت مال المسلمين الكبرى تتلخص في فك الأزمات الإجتماعية
14 : تحديد مستحقي الزكاة
15 : تساوي حقوق وفرص كل المسلمين
وهاته المبادئ كافية - بالتطبيق المحكم - على إبراز كل ميزات الإقتصاد الإسلامي ، وخصوصا إذا ربطناها بكل البدائل التي تقدمها اليوم البنوك الإسلامية التي أصبحت تعطي بدائل أثمر من كل الإستثمارات الربوية، وبالتالي ولدت لنا نظريات حديثة للإٌقتصاد الإسلامي تسهله حقا كبديل، رغم معاناتنا اليوم من المتلاعبين بها ومن كبار المستغلين ..
كما أن لكل من هاته الخاصيات تأثيرات جد عميقة لفك العديد من أزماتنا بل وكل أزمات العالم ..
وخصوصا إذا ما قعدناها على دراسات معمقة في تاريخنا الإقتصادي ، وراعينا مبدأ العدالة والقناعة الذي أعني به :
بأن عالمنا الإسلامي لا يعيش أزمة ثروات بل أزمة توظيف لها وأزمة عدالة في توزيعها حسب الجهد ثم الحاجة ، بل والإنسان المسلم بطبعه قنوع بالضروريات..
ولهذا فإن السعي للإقتصاد الضخم ليس من الأولويات الإجتماعية للمسلمين وإن كان من الأولويات التنافسية لنا كدول نامية..
فالمادة هي التي يجب أن تخدم المسلم ، لا العكس..
وإن كان المومن القوي في كل الأشياء والصفات خير من المومن الضعيف.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق